آذان ولكنها لا تسمع
بقلم: البابا شنودة الثالث
كل انسان لابد أن تصل إلي فكره أو إلي قلبه ـ في وقت ما ـ رسالة مناسبة ونافعة له أو لغيره عن طريق إرشاد أو عظة أو في كتاب يقرأه أو تصله نصيحة أو حتي توبيخ أو انذار.. فان كان حكيما يستوعب الرسالة, ويطيع وينفذ مثل هذا يقال عنه بالعامية انه( انسان يسمع الكلام).
أي يطيعه. له أذن من النوع الذي يسمع. وهنا لا نقصد الاذن الخارجية الجسدية بل الأذن الداخلية أي الارادة.
>> في مقدمة أصحاب الآذان التي تسمع: الملائكة القديسون الذين ما إن يسمعوا كلمة من الله, حتي يبادروا بتنفيذها علي الفور. ومثلهم ايضا الانبياء الذين يتلقون الرسالة عن طريق الوحي. أو بعض الابرار الذين قد تصلهم رسالة عن طريق رؤي أو احلام من عند الله ومن أمثله من لهم آذان للسمع. الابناء البررة, أو التلاميذ المطيعون جدا لمرشديهم ومعلميهم أو كل من هو مطيع بدقة لرؤسائه.
علي ان هناك آخرين لهم آذان لا تسمع وما أكثر الامثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها.
>> هناك آذان لا تسمع بسبب وجود شهوة في القلب تمنع وصول الكلمة اليه كالشهوة المسيطرة والانفعالات الداخلية, تحجب كل وصية وكل كلمة نافعة حتي لا تصل الي الارادة.
هناك نوع مستعد ان يسمع النصيحة في كل شيء, ما عدا شيئا واحدا لا تقبله اذناه. هنا عدم السمع ليس مطلقا ولكنه مركز في شيء واحد, في نقطة الضعف, كالرغبة الداخلية المسيطرة كشخص يمكن ان يستمع الي النصح في أمور عديدة ما عدا في شهوة المال او شهوة النساء.
>> وهناك نوع آخر تملكه مشاعر الحقد والغضب علي شخص ما أو مجموعة معينة, هذا الحقد يكون في قلبه كأنه حاجز قوي, يمنع كلمة النصح من أن تدخل الي أذنيه فان سمعها يكون كأنه لم يسمع فيمضي وينفذ ما يريد لانه مشغول جدا لسماع صوت الحقد أكثر من سماع نصيحة.
>> أحيانا يكون عدم قدرة الأذن علي السماع يرجع الي قساوة في القلب هذا النوع القاسي لا تستطيع أذنه ان تسمع انذارات الله كما حدث لفرعون الذي كانت له أذن لا تستطيع اطلاقا ان تسمع لصوت موسي النبي.
وقساوة القلب تلد العناد والعناد أيضا يمنع من سماع الكلمة ذلك العناد الذي يغلق القلب ويغلق الفكر ومهما قيل له من كلام نافع مقنع فانه لا يسمع, له اذنان, ولكنهما لا تسمعان انه متثبث بفكره مهما كلمته فكأنك لم تتكلم والتشبث بالفكر هو نوع من الكبرياء يغلق الأذن عن السماع بعكس الانسان الوديع المتواضع يمكنه ان يسمع الكلمة ويقبلها حتي ان كانت له أخطاء فهو مستعد أن يستمع كلمة التأنيب والتوبيخ والنصيحة ويصلح طريقه دون تذمر.
المبتدعون ايضا في العقيدة او في طرق اخري هم ايضا يتصفون بالعناد والكبرياء وآذانهم لا تسمع النصيحة ولا الاقناع من الجانب الآخر وقد يموت كل منهم وهو متمسك ببدعته وبفكره.
وقد تحاور انسانا من هذا النوع فتجده متحفزا للرد عليك قبل أن تكمل كلامك, لسانه اسرع من أذنيه. فأذنه لا رغبة لديها في السماع ولا في قبول الاقناع يمنعها التشبث والعناد.
وبالمثل كل انسان يتمسك بفكره الخاص, مصر علي فكره, تكلمه وكأنك تكلم صخرا صلبا لا توجد فيه منافذ تدخل منها الكلمة.
ونفس الوضع مع كل انسان معتز بكرامته فأذناه ترفضان السماع لاية نصيحة. انه يشعر ان النصيحة كأنها اهانة تهز كرامته وتشعره بالخطأ وتتعب نفسيته فلا يكون مستعدا اطلاقا لان يسمع ولهذا فان العتاب مع هذا النوع لا يأتي بنتيجة اطلاقا, فالمتكبر المعتز بكرامته ان عاتبته يزدد الأمر سوءا.
>> هناك عقبة أخري تمنع تأثير حتي كلمة الرب نفسه من الوصول الي الأذنين, وذلك ان كانت هناك محبة اخري تطغي علي محبة الله في القلب. فكم من وصايا الله وكلماته يسمعها الشخص وطبعه هو نفس الطبع لا يتغير مهما سمع, كذلك ايضا الذين تملك عليهم الحرفية في سماع وصايا الله وليس روحانية الوصية. وتمنعه عن سماع التفسير السليم وترفض اذانهم ان تسمع ذلك التفسير.
>> هناك نوع آخر يمنع الاذن من السماع وهو الخوف من التهديد والخوف من الضياع وقول البعض لمثل هذا الشخص ان فتحت فمك لتتكلم فسيحدث لك كذا وكذا, وكذلك ان حاولت ان تهرب منا او ان تكشف المؤامرة, او ان لم تخضع سيدركك تنفيذ التهديد الواقع عليك. مثل هذا الانسان لا تدخل الي اذنه كل نصيحة لانقاذه تكلمه كأنه لا يسمع الخوف يسد أذنيه.
>> هناك سبب اخر يمنع الأذن من السماع وهو الاستهتار واللامبالاة ويشمل ذلك الغارقين في الخطية او في الضلال.. فلا يقبلون كلمة النصيحة وبجدية بل ربما يقابلونها بالتهكم والازدراء أو بتحويل الجو الي عبث, هؤلاء ايضا لهم اذان ولكنها لا تسمع ويشبه هؤلاء النوع المتردد الذي يسمع كلمة نافعة من مرشده فيمنعها عن اذنيه تأثير اصدقاء السوء.
>> وأنت يا أخي القارئ ان وجدت أن أذنك لا تسمع فأبحث عن السبب في ذلك لا تذهب الي طبيب اذان يعالجك بل اذهب بالاكثر الي طبيب قلب يكشف ما في قلبك من موانع تمنع الكلمة من الوصول الي اذنيك ابحث هل هناك شهوة في قلبك تريد ان تحققها والشهوة من طبيعتها ان تصم الاذنين عن السماع واعرف انه لكي تكون لك القدرة علي السماع, ينبغي أن تكون لك الرغبة في أن تسمع, وأن تكون لك الجدية في التنفيذ بل ان تكون بالاكثر مشتاقا لسماع كلمة من أجل منفعتك.. ولهذا كله علينا ان نحاسب انفسنا, كم مرة سمعنا ولم نعمل, وكأننا لم نسمع!!
بقلم: البابا شنودة الثالث
كل انسان لابد أن تصل إلي فكره أو إلي قلبه ـ في وقت ما ـ رسالة مناسبة ونافعة له أو لغيره عن طريق إرشاد أو عظة أو في كتاب يقرأه أو تصله نصيحة أو حتي توبيخ أو انذار.. فان كان حكيما يستوعب الرسالة, ويطيع وينفذ مثل هذا يقال عنه بالعامية انه( انسان يسمع الكلام).
أي يطيعه. له أذن من النوع الذي يسمع. وهنا لا نقصد الاذن الخارجية الجسدية بل الأذن الداخلية أي الارادة.
>> في مقدمة أصحاب الآذان التي تسمع: الملائكة القديسون الذين ما إن يسمعوا كلمة من الله, حتي يبادروا بتنفيذها علي الفور. ومثلهم ايضا الانبياء الذين يتلقون الرسالة عن طريق الوحي. أو بعض الابرار الذين قد تصلهم رسالة عن طريق رؤي أو احلام من عند الله ومن أمثله من لهم آذان للسمع. الابناء البررة, أو التلاميذ المطيعون جدا لمرشديهم ومعلميهم أو كل من هو مطيع بدقة لرؤسائه.
علي ان هناك آخرين لهم آذان لا تسمع وما أكثر الامثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها.
>> هناك آذان لا تسمع بسبب وجود شهوة في القلب تمنع وصول الكلمة اليه كالشهوة المسيطرة والانفعالات الداخلية, تحجب كل وصية وكل كلمة نافعة حتي لا تصل الي الارادة.
هناك نوع مستعد ان يسمع النصيحة في كل شيء, ما عدا شيئا واحدا لا تقبله اذناه. هنا عدم السمع ليس مطلقا ولكنه مركز في شيء واحد, في نقطة الضعف, كالرغبة الداخلية المسيطرة كشخص يمكن ان يستمع الي النصح في أمور عديدة ما عدا في شهوة المال او شهوة النساء.
>> وهناك نوع آخر تملكه مشاعر الحقد والغضب علي شخص ما أو مجموعة معينة, هذا الحقد يكون في قلبه كأنه حاجز قوي, يمنع كلمة النصح من أن تدخل الي أذنيه فان سمعها يكون كأنه لم يسمع فيمضي وينفذ ما يريد لانه مشغول جدا لسماع صوت الحقد أكثر من سماع نصيحة.
>> أحيانا يكون عدم قدرة الأذن علي السماع يرجع الي قساوة في القلب هذا النوع القاسي لا تستطيع أذنه ان تسمع انذارات الله كما حدث لفرعون الذي كانت له أذن لا تستطيع اطلاقا ان تسمع لصوت موسي النبي.
وقساوة القلب تلد العناد والعناد أيضا يمنع من سماع الكلمة ذلك العناد الذي يغلق القلب ويغلق الفكر ومهما قيل له من كلام نافع مقنع فانه لا يسمع, له اذنان, ولكنهما لا تسمعان انه متثبث بفكره مهما كلمته فكأنك لم تتكلم والتشبث بالفكر هو نوع من الكبرياء يغلق الأذن عن السماع بعكس الانسان الوديع المتواضع يمكنه ان يسمع الكلمة ويقبلها حتي ان كانت له أخطاء فهو مستعد أن يستمع كلمة التأنيب والتوبيخ والنصيحة ويصلح طريقه دون تذمر.
المبتدعون ايضا في العقيدة او في طرق اخري هم ايضا يتصفون بالعناد والكبرياء وآذانهم لا تسمع النصيحة ولا الاقناع من الجانب الآخر وقد يموت كل منهم وهو متمسك ببدعته وبفكره.
وقد تحاور انسانا من هذا النوع فتجده متحفزا للرد عليك قبل أن تكمل كلامك, لسانه اسرع من أذنيه. فأذنه لا رغبة لديها في السماع ولا في قبول الاقناع يمنعها التشبث والعناد.
وبالمثل كل انسان يتمسك بفكره الخاص, مصر علي فكره, تكلمه وكأنك تكلم صخرا صلبا لا توجد فيه منافذ تدخل منها الكلمة.
ونفس الوضع مع كل انسان معتز بكرامته فأذناه ترفضان السماع لاية نصيحة. انه يشعر ان النصيحة كأنها اهانة تهز كرامته وتشعره بالخطأ وتتعب نفسيته فلا يكون مستعدا اطلاقا لان يسمع ولهذا فان العتاب مع هذا النوع لا يأتي بنتيجة اطلاقا, فالمتكبر المعتز بكرامته ان عاتبته يزدد الأمر سوءا.
>> هناك عقبة أخري تمنع تأثير حتي كلمة الرب نفسه من الوصول الي الأذنين, وذلك ان كانت هناك محبة اخري تطغي علي محبة الله في القلب. فكم من وصايا الله وكلماته يسمعها الشخص وطبعه هو نفس الطبع لا يتغير مهما سمع, كذلك ايضا الذين تملك عليهم الحرفية في سماع وصايا الله وليس روحانية الوصية. وتمنعه عن سماع التفسير السليم وترفض اذانهم ان تسمع ذلك التفسير.
>> هناك نوع آخر يمنع الاذن من السماع وهو الخوف من التهديد والخوف من الضياع وقول البعض لمثل هذا الشخص ان فتحت فمك لتتكلم فسيحدث لك كذا وكذا, وكذلك ان حاولت ان تهرب منا او ان تكشف المؤامرة, او ان لم تخضع سيدركك تنفيذ التهديد الواقع عليك. مثل هذا الانسان لا تدخل الي اذنه كل نصيحة لانقاذه تكلمه كأنه لا يسمع الخوف يسد أذنيه.
>> هناك سبب اخر يمنع الأذن من السماع وهو الاستهتار واللامبالاة ويشمل ذلك الغارقين في الخطية او في الضلال.. فلا يقبلون كلمة النصيحة وبجدية بل ربما يقابلونها بالتهكم والازدراء أو بتحويل الجو الي عبث, هؤلاء ايضا لهم اذان ولكنها لا تسمع ويشبه هؤلاء النوع المتردد الذي يسمع كلمة نافعة من مرشده فيمنعها عن اذنيه تأثير اصدقاء السوء.
>> وأنت يا أخي القارئ ان وجدت أن أذنك لا تسمع فأبحث عن السبب في ذلك لا تذهب الي طبيب اذان يعالجك بل اذهب بالاكثر الي طبيب قلب يكشف ما في قلبك من موانع تمنع الكلمة من الوصول الي اذنيك ابحث هل هناك شهوة في قلبك تريد ان تحققها والشهوة من طبيعتها ان تصم الاذنين عن السماع واعرف انه لكي تكون لك القدرة علي السماع, ينبغي أن تكون لك الرغبة في أن تسمع, وأن تكون لك الجدية في التنفيذ بل ان تكون بالاكثر مشتاقا لسماع كلمة من أجل منفعتك.. ولهذا كله علينا ان نحاسب انفسنا, كم مرة سمعنا ولم نعمل, وكأننا لم نسمع!!